تقديم
إن هذا البحث الذي بين أيدينا يتضمن تقارير خبراء الآثار في وطننا العربي حول الاعتداءات الاسرائيليه المتكررة على المقدسات الاسلاميه، وبخاصة الحرم القدسي بشكل عام والمسجد الأقصى على وجه الخصوص، وهذه الاعتداءات أخذت صور شتى تنفذها إسرائيل تحت مزاعم البحث عن الهيكل المزعوم ، فتارة تقوم بهدم الأحياء العربية بالقدس القديمة ، وبخاصة حي المغاربة وما كان يتضمنه من منازل ومساجد ومدارس ومزارات اسلاميه ، وكان من وراء ذلك هدف إسرائيلي يرمي إلى توسعة الرصيف الذي يتقدم حائط البراق المعروفة حديثاً بساحة المبكى ،طمعا في إيجاد ساحة متسعة تسمح بوقوف آلاف من اليهود أمامها، وتارة أخرى تقوم قوات الاحتلال بهدم اكبر مقبرة اسلاميه بالقدس ليحل محلها متحف يهودى يعرف باسم "قافلة الأجيال" ، ليحكي قصة شعب بني إسرائيل في إطار زمني وتاريخي يعمد إلى تشويه الحقائق وتغيير المفاهيم ،وتارة ثالثه تقوم قوات الاحتلال الاسرائيليه بعمل سلسله من الأنفاق بالجانب الجنوبي والغربي تمتد إلى عشرات الأمتار، بعمق يتراوح ما بين أربعه إلى عشره إلى ستة عشر إلى اثني وثلاثون مترا، وتلك الشبكة العشوائية من الأنفاق يجري بعضها تحت أساسات المسجد الأقصى لتصل إلى منتصف الحرم القدسي بجوار قبة الصخرة، وأخر صور هذه الاعتداءات والتي مازالت حتى كتابة هذا التقرير مستمرة ، هي قيام إسرائيل برفع التل الأثري التي أقيم عليها الجسر الاثرى الموصل إلى باب المغاربة ، وقد ترتب على ذلك سقوط الجسر وتهديد الحائط الغربي للمسجد برمته، وكذلك مسجد البراق، وما يترتب على هذا الحفر من رفع كتل حجريه ضخمه من قواعد أساسات المسجد تمهيداً لتفريغ اساساته، كل هذه الصور من الاعتداءات الممنهجه والمبررة من قبل قوات الاحتلال على مرأى ومسمع من العالم بأسره، الذي يقدم اعتراضاته على استحياء بينما، العالم الإسلامي والعربي كأنه يشارك العالم الغربي توجيه اللوم بصورة يشعر فيها المواطن العادي بالألم والمرارة، فالمعتدى عليه من قبل إسرائيل ليس بأثر عادي فحسب بل هو أولى القبلتين و ثاني الحرمين ، ومسرى نبينا محمد (ص)، وهذا ما يجب أن ينظر إليه من قبل كل مسلم يقدس ويقدر مكانة مقدساته بإجلال ويعمل بكل جهد وإخلاص وتفاني على وقف هذا الاعتداء بأي صورة كانت قبل أن يضيع مسجدنا بين ليلة وضحاها، فإذا كانت المؤسسات العالمية المعنية بالحفاظ على التراث كاليونسكو التي أقامت الدنيا ولم تقعدها على التماثيل البوذية في أفغانستان عندما همت مجموعة طالبان بهدم بعض التماثيل البوذية ،وقف العالم بأسره مستنكرا هذا الفعل وموجها للإسلام وللمسلمين أصابع الاتهام على تلك البربرية التي يتعاملون بها مع التراث الإنساني، وقد وصلت الرسالة للعالم العربي والإسلامي وخرجت الوفود والدعاة من بلدانهم لتناشد طالبان وقف هذا الاعتداء حفاظا على صورة الإسلام والمسلمين، وعليه فمن يستصرخ للأقصى ،ومن يسير الوفود للدول العظمى ليناشدوها وقف الاعتداءات على مقدساتنا الاسلاميه ،ووقف بناء السور العنصري العازل بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد والذي يخول لإسرائيل بناء جغرافيه جديدة ، خطوطها صناعية ومصطنعه ،فهي ليست سلسله من جبال أو وديان أو مجاري انهار،ولكنه سور خراساني التهم آلاف الهكتارات من الأراضي العربية الفلسطينية ،إلى جانب ما استحوذت عليه إسرائيل من مئات المواقع الاثريه أمام مرأى ومسمع العالم ،وحتى هذه اللحظة وقف العالم متفرجا كما وقفت الحكومات العربية والاسلامية متحجرة وكأنها ارتضت، ماارتضته لها اقدارها منتظرين غير مكترثين بمغبة نتائج الاعتداءات الاسرائيليه وأثرها السلبي على مقدساتنا الاسلامية في القدس الشريف، بل وأكثر من ذلك إن التضليل الإعلامي قد وصل إلى تزييف التاريخ بتقديم قبة الصخرة بوصفها هي محور الحرم القدسي ،غافلين عن المسجد كمحور ارتكاز لدى قوة الاحتلال ، إلى إن أصبح كثير من المسلمين يعرفون صورة قبة الصخرة أكثر ما يعرفون صورة المسجد الأقصى ،وفي هذا الخلط العمد يترتب عليه سوء فهم وسوء تقدير وسوء نتيجة، من هنا كان الاتحاد العام للاثاريين العرب مدركاً لكل هذه الصور المقلوبة والاعتداءات المتكررة فقام بدوره كمؤسسه عربية ثقافية مدنية ، بالتنبيه تارة بتلك المخاطر والإعلان عنها بإصدار بيانات عاجله للأمم المتحدة ،وجامعة الدول العربية واليونسكو،وأقامت العديد من المؤتمرات والندوات في رحاب جامعة الدول العربية والايسيسكو، بالاضافه إلى انه دعا بالمشاركة مع جامعة الدول العربية و المجلس الأعلى للآثار لعقد اجتماعات طارئة شارك فيها رؤساء هيئات الآثار في الوطن العربي ، لرصد كل تحرك تقوم به إسرائيل وكشف مخططاتها الرامية إلى هدم المسجد وإحلال الهيكل المزعوم محله،وإيماناً من الاتحاد العام للاثاريين العرب بقدسية القضية وأثرية الموضوع أعدت هذا الكتيب لتضع فيه تقارير خبراء الآثاريين الذين رصدوا عن قرب مواطن الاعتداء وكشفوا لنا بالصورة أهداف إسرائيل من وراء أعمال التنقيب التى شقت بها باطن الارض فى الحرم القدسى،تلك التقارير توضح قصة الاعتداءات كاملة منذ أن نشأت حتى يومنا هذا ،ليعلم من لم يعلم من قبل بمشروعية الحق الفلسطينى فى تراثه الحضارى ومقدساته الدينية، ولذلك فان الاتحاد العام للاثاريين العرب لا يطلب تعبئة الجيوش لتحرير المسجد ولا يطلب بقطع العلاقات ليترك إسرائيل اليد الطولي في العبث بشكل اكبر،ولكن ليضع أمام الرباعية العالمية واليونسكو مشروع الضمانة الدولية لحماية مقدستنا لحين الانتهاء من حل القضية الفلسطينية بإقامة دولتين وفقا للقرارات الاممية والدولية، وهذه الضمانة التي يطالب بها الاتحاد هي الورقة الوحيدة الباقية ،والتي فيها سلامة الأثر والمسجد الاقصى، وذلك نكون قد وفينا ما علينا من التزام عملي وعلمي وخلقي تجاه تراثنا ومقدساتنا التي لم تحفظها لنا المعاهدات الدولية بما شملته من قوانين ومواثيق تجرم الاعتداء على المقدسات في أوقات الاحتلال أو الحرب،وهذا ما يجعلنا لا ندخر وسعا في كشف أبعاد المخططات الصهيونية حفاظاً منا على تراثنا الخالد واملآ في سلامه الأثر ومسجدنا الأقصى من العبث والعابثين حتى لا يكون علينا حق تجاه توعية امتنا بما تهدف إلى تحقيقه إسرائيل على حساب مقدساتنا وبذلك نكون قد أوضحنا اللبس وكشفنا النقاب بالتقارير العلمية عن الحقائق لنضعها أمام المسئولين والاعلامين والهيئات العالمية والدولية والمحلية ،عملا بقول الرسول الكريم محمد (ص) "اللهم إني بلغت اللهم فأشهد"